طبقات الأشراف حكام مكة المكرمة
أتفق المؤرخون على تقسيم الأشراف حكام مكة – شرفها الله - الى أربعة طبقات ، كل طبقة أخذت الحكم عن الطبقة التي سبقتها ، وجميعهم يرجع نسبهم الى موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهم رحمة الله جميعا)، وهذه الطبقات الأربع هم:
الطبقة الأولى: الأشراف الموسويين، نسبة الى جدهم موسى الجون اعتزازا، وقد حكموا الحجاز نحو من خمس وتسعين سنة فقط من 358 والى 453 هـ.
وأشهر أمرائهم الشريف جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد الثائر بن موسى الثاني بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب .
تغلب على مكة في نهاية الدولة الإخشيدية وبدايات الدولة الفاطمة، أعقب بعد وفاته ولدين هما عيسى والحسن الملقب بأبي الفتوح، أما عيسى فلا عقب له أما أبو الفتوح الذي يعتبر المؤسس الحقيقي لنظام الشرافة في مكة فقد خلف أبنا وحيداً هو الشريف شكر الملقب بتاج المعالي واسمه محمد والذي مات ولم يولد له قط، مما أدى لانقراض هذه الطبقة الموسوية بوفاة الشريف شكر في العام 453 هـ.
الطبقة الثانية : الأشراف السليمانيون ، وينسبون الى جدهم سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب . سكنوا مكة المكرمة بجوار بني عمهم الموسويين ، فلما مات الشريف شكر ولم يكن له عقب سارعوا للاستيلاء على الحكم وكونوا دولة لهم لم تدم طويلاً ، حيث هاجمهم بنو عمهم الهواشم وانتزعوا الملك منهم ، حيث حكموا مكة سنتين فقط من عام 453 هـ وحتى 455 هـ ، فجلوا الى المخلاف السليماني ( منطقة جازان حالياً ) وانتشروا هناك حتى صارت لهم دولة في ذلك المخلاف استمرت حتى منتصف القرن الثالث عشر الهجري .
وهم اليوم منتشرون في جميع محافظات منطقة جازان وفي محافظة القنفذة التابعة لمنطقة مكة المكرمة .
ومن أشهر أسرهم اليوم في جازان : الخواجيون ، والجعافرة ، والذرويون ، والعماريون ، والمثام ، والنعامية ، والقطبيون ، الشمامخة ، القاسميون ، والجواهرة ، أما أشهر أسرهم في القنفذة فهم : آل ابن حمزة ، آل شبير ، والفداحية وغيرهم .
أول من ولي شرافة مكة منهم : أبو الطيب بن عبدالرحمن بن قاسم بن أبي الفاتك بن داود بن سليمان بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم اجمعين .
وفي سنة 455 هـ قدم الى الحج صاحب اليمن علي بن محمد الصليحي ، فدخل مكة وملكها وانتزعها من بني أبي الطيب ، فلما انتهى الحج جعل على مكة محمد بن جعفر بن محمد بن عبدالله بن هاشم نائباً عنه وخرج عائداً الى بلاده اليمن بعدما زوده بالمال والسلاح والرجال يستعين بها على حفظ أمن البلد ، وبه بدأت دولة الطبقة الثالثة من أشراف الحجاز الهواشم .
الطبقة الثالثة : الأشراف الهواشم ، سمو بالهواشم نسبة لجدهم محمد بن ابي هاشم بن جعفر بن محمد ابي هاشم بن عبدالله بن محمد بن ابي هاشم بن الحسين الأمير بن محمد الثائر بن موسى الثاني بن عبدالله بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب.
وذريتهم اليوم منتشرون في مكة المكرمة ووادي فاطمة ، ويسمون بالأشراف الهواشم أو الاشراف الامراء . واستمروا في حكم الحجاز من سنة 456 هـ والى أن زالت دولتهم سنة 597 هـ على يد الأمير قتادة بن ادريس مؤسس الطبقة الرابعة من طبقات أشراف الحجاز.
الطبقة الرابعة : الأشراف القتاديون .
تأسست هذه الطبقة على يد الأمير قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبدالكريم بن عيسى بن حسين بن سليمان بن علي بن عبدالله بن محمد بن موسى بن عبدالله بن موسى بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب .
كان يسكن ينبع مع إخوته وبني عمومته ، وصارت له على قومه الرئاسة ، فجمعهم وأركبهم الخيل ، وهجم على مكة واستخلصها من امرائها الهواشم بعدما بلغه من انهماك أمرائها في اللهو وظلم الناس .
كانت له مع أشراف المدينة المنورة صولات وجولات ومعارك ، كان يهدف منها الاستيلاء على المدينة المنورة ويضمها الى إماراته على مكة المكرمة . وكان أخرها سنة موته عندما جمع جموعا كثيرة وسار عن مكة الى المدينة ، ولما نزل وادي الفرع عرض له مرض الم به ، فسير على الجيش أخاه الأمير صرخة بن إدريس ( محل بحثنا هذا ) ، وابنه حسن ، وقفل عائداً الى مقر إمارته في مكة المكرمة .
مات قتادة بن إدريس مقتولا على يد ابنه حسن بعدما غدر بعمه صرخة بن ادريس وقتله صبراً وغيلة في الحملة التي سيرها قتادة بقيادة أخيه صرخة وابنه حسن لضم المدينة المنورة الى إمارته . حيث وصلت الأخبار للجيش بان قتادة مريض جداً ويشارف على الموت . وفي هذه الأثناء جمع الأمير صرخة بن إدريس قادة الجيش وطلب منهم مبايعته بالإمارة بعد أخيه قتادة، وصلت الأخبار لحسن بن قتادة بطلب عمه صرخة بالبيعة له بالإمارة فغضب غضبا شديدا وطلب من قادة الجيش مبايعته بالإمارة له بعد أبيه مع العلم بأن له أخ أكبر منه سنا أسمه راجح. رفض قواد الجيش التحيز لأحد الطرفين خاصة عندما طلب منهم حسن بن قتادة قتل عمه ليتفرد بالإمارة بعد أبيه، رفض قادة الجيش ذلك بشدة وقالوا له: " أنت أمير وهو أمير، وليس لنا سبيل بينكما". عندها أضمر حسن السوء بعمه صرخة بن إدريس حيث طلب من عبدين من عبيده باغتيال عمه وهو نائم ، وهذا ما حدث بالفعل حيث عمد العبدان الى خيمة صرخة بن إدريس وتسللوا اليها في جنح الظلام واستطاعوا خنقه وهو نائم حتى مات .
عندما وصل خبر قتل حسن لعمه غضب الأمير قتادة غضباً شديداً وحلف بأغلظ الايمان على قتل ابنه حسن لقتله عمه، والذي لم يكن شقيقه فقط ، بل قائد جيوشه ومستشاره الخاص .
وصلت الأخبار عن تهديد قتادة بالقتل لابنه حسن فأقفل راجعا الى بيت أبيه ، حيث دخل على ابيه في قصر الإمارة ، فبالغ ابوه في ذمه وتهديده ، فوثب عليه حسن فخنقه لوقته والحقة بعمه . ثم خرج للبيت الحرام وطلب اجتماع الأشراف إليه، فأخبرهم بموت ابيه وطلب مبايعتهم له بالإمارة بعد أبيه، فبايعه الاشراف من وقتها أميرا على مكة وما حولها.